اعتبر الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الثلاثاء أن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب “يحرج نفسه” برفضه الإقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية مما سينعكس سلباً على إرثه السياسي، لكنّه قلّل من جدوى موقف الملياردير الجمهوري.
وفي تصريح من منزله في وليمنغتون بولاية ديلاوير قال بايدن في إشارة إلى رفض ترامب الإقرار بهزيمته في استحقاق الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر “أعتقد بكل صراحة أنه يسبّب إحراجاً لنفسه”.
وأضاف إنه يتوخّى “اللباقة” بالقول “أعتقد أنّ هذا الأمر لن يخدم الإرث السياسي للرئيس”. وبعد أسبوع من خسارته الانتخابات الرئاسية، استمر ترامب الثلاثاء بمحاولته الترويج لحقيقة بديلة هي أنّه على وشك الفوز،
لكنّ الديمقراطي الفائز جو بايدن تجاهله وتلقّى سلسلة اتصالات تهنئة من عدد من قادة دول العالم.
وعن موقف ترامب ومؤيّديه قال بايدن إنّ “عدم وجود نية لديهم للإقرار بفوزنا لا يؤثّر كثيراً في هذه المرحلة على تخطيطنا”.
وأجرى قادة دول حليفة للولايات المتحدة محادثات هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب آملين بقيام تعاون معه.
وهنّأ كل من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن، بايدن على فوزه بالرئاسة الأميركية.
وقال بايدن “أبلغتهم أنّ أميركا عادت ولم تعد اميركا الوحيدة”، لافتاً إلى أنّ ردّهم اتّسم “بالحماسة (…) وانا واثق تاليا بأننا سننجح في استعادة الاحترام الذي كانت اميركا تتمتع به سابقا”.
وباتت محاولة ترامب البقاء في السلطة مستنزفة للرجل الذي اعتاد السخرية بشكل علني من خصومه ووصفهم ب”الخاسرين”. وغرّد ترامب على تويتر قائلا “سنفوز”، ثم أضاف في وقت مبكر الثلاثاء “راقبوا الإساءات الهائلة في عملية فرز الأصوات”.
بدوره رفض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء الاعتراف بفوز بايدن، واعدا بعملية “انتقالية سلسة” نحو ولاية ثانية للرئيس دونالد ترامب.
ومنذ موعد الاستحقاق في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أصبح ترامب مقلا في ظهوره العلني ونشاطه الى درجة بدا كأنه وضع مهامه الرئاسية العادية على الرفّ.
والنشاط الوحيد المعروف الذي قام به خارج البيت الأبيض كان لعب الغولف خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد ظهور النتائج.
أما الإحاطات اليومية التي يتلقّاها من الأجهزة الأمنية فقد كانت خارج جدوله اليومي، وهو لم يشر الى تصاعد الاصابات بكوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد.
وفجأة اختفت مؤتمراته الصحافية شبه اليومية والمقابلات مع “فوكس نيوز” وجلسات الدردشة المرتجلة مع مراسلي البيت الأبيض.
وبدل ذلك أمضى ترامب معظم وقته في التغريد، غالبا حول ما يزعم أنها انتخابات مسروقة. وفي بعض الأحيان كان يعيد تغريد تعليقات داعمة لمقدمي برامج يمينيين من “فوكس نيوز” واقتباسات من البرامج اليومية للقناة.
وكان الإجراء الرئاسي الهام الوحيد الذي اتخذه ترامب هو الاقالة المفاجئة لوزير الدفاع مارك إسبر الاثنين، والذي أعلنه ايضا عبر تويتر.
في مثل هذا اليوم الثلاثاء قبل أربعة أعوام، كان ترامب قد حقّق فوزه المفاجئ على هيلاري كلينتون وقام بجولة في البيت الابيض للمرة الأولى بدعوة من الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما.
وهذه المجاملة للرؤساء المنتخبين تقليد قديم يشدّد على الاحترام شبه المقدس للتداول السلمي للسلطة.
وترامب الذي تولّى منصبه متعهّدا الإطاحة بما أسماه “الدولة العميقة”، يحطّم الآن تقليدا آخر. فهو لم يمتنع فقط عن دعوة بايدن الى المكتب البيضوي، بل حتى منعه من الحصول على حزمة التمويل والخبرات والمرافق المخصّصة لمساعدة الرئيس المنتخب على التحضير لتولي السلطة.
وتتحكم بهذه الحزمة رئيسة إدارة الخدمات العامة إميلي مورفي، التي عيّنها ترامب، وهي المسؤولة عن الافراج عنها.
لكن بايدن الذي فاز بعدد قياسي من الأصوات مع إقراره بأن نحو نصف الناخبين يدعمون ترامب، اختار على ما يبدو تجاهل الفوضى.
فهو نادرا ما يذكر ترامب، بل سارع الى انشاء فريق عمل خاص لمكافحة فيروس كورونا، وألقى الثلاثاء أحدث خطاب له تناول فيه مصير خطة الرعاية الصحية “أوباماكير” التي طلب ترامب من المحكمة العليا تفكيكها.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان آخر الزعماء الدوليين الذين بعثوا بتهنئة الى بايدن بالفوز، آملا بتعزيز العلاقات بين انقرة وواشنطن.
وتسري تكهنات كثيرة في واشنطن حول من سينبري من داخل دائرة ترامب الضيقة لإقناعه بالإقرار بالهزيمة، هذا ان وُجد مثل هذا الشخص.
فالرئيس الجمهوري الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة جورج بوش الابن هنّأ بايدن بفوزه، لكنّه ينأى بنفسه عن حزبه الذي يهيمن عليه ترامب.
والإثنين صرح زعيم الغالبية في الكونغرس السناتور ميتش ماكونيل أنّ ترامب “محق مئة بالمئة” في الطعن قضائياً بالانتخابات. لكن يبقى من غير الواضح الى متى سيستمر هذا المستوى من الدعم، أو حتى الى متى سيستمر ترامب متشبثا بالرئاسة.
اذ لا يبدو أنّ أيا من الدعاوى القضائية لديها القدرة على تغيير النتيجة، وحتى إعادة فرز الأصوات في ولايات مثل جورجيا أو أي مكان آخر من غير المرجح أن تغير الحساب الأساسي.
لكنّ ترامب أضاف سلاحا جديدا محتملا الى حملته الاثنين بعدما وافق وزير العدل الأميركي بيل بار على إجراء تحقيقات حول احتمال حصول مخالفات في الانتخابات.
ومع ذلك أقرن بار قراره بتحذير مفاده أن “الادعاءات الخادعة أو التخمينية أو الخيالية أو بعيدة الاحتمال يجب ألا تشكل اساسا للشروع في تحقيقات فدرالية”.
وتدخّل بار غير المعتاد أثار مخاوف من أن ترامب قد يذهب أبعد من ذلك في جهوده، ما دفع بالمدعي العام لجرائم الانتخابات في وزارة العدل ريتشارد بيلغر الى تقديم استقالته احتجاجا. وسيتم تنصيب بايدن بعد 71 يوماً في 20 كانون الثاني/يناير.
1٬081