الريّس : لا تغيير في لبنان بظلّ رأي عام فدرالي

بقلم: جورج ريّس الريّس

ما مشكلة الرأي العام في لبنان؟
لبنان في قلب زوبعة الانهيارات، وشعبه في حالة غيبوبة تامة تفصله عن الواقع، وقد ارتضى العيش على فتات الرواتب، وحسنة المصارف، وما تجود عليه الجمعيات من مساعدات أو اهل وأقارب من المغتربين الذين يعلمون بأن “بحصة” صغيرة من الدولارات المحوّلة تسند ” خابية” فقر و ” تعتير” من يتخبط في الغيبوبة اللبنانية…
آن حالة الفقر والافلاس،والجوع والدمار الشامل في المؤسسات اليوم تشكل أعظم وأهم قواسم مشتركة للشعب اللبناني، وهذا يعني بأن هناك مادة غنّية لتشكيل رأي عام كاسح وجارف في وجه تلك الطبقة السياسية التي اوصلتنا الى ما وصلنا اليه من بؤس وشقاء. ورغم ذلك لا وجود لرأي عام لبناني يقلب المقاييس فما السبب؟
لبنان يعيش فدرالية قناعات مختلفة، فنرى بأن لكل طائفة عاداتها وتقاليدها وسلوكها،وقادتها من الروحيين والزمنيين،ولها نوابها ووزرائها واحزابها، ووسائلها الاعلامية،وجيوشها الالكترونية والتي فرضت سطوتها على وسائل التواصل الاجتماعي من فايسبوك وتويتر، وانستغرام، وغروبات واتساب،كما وتلعب المناطقية دورها في التوزيع الديمغرافي الطائفي… وهنا نجد بأن كل طائفة باتت مسيطرة على قواعدها الشعبية المغسولة الدماغ من كل رأي حرّ، إنساني أو وطني أو جتماعي،فباتت سهلة الانقياد خلف طبقة سياسية متحكمة بالسلطة، وبات الرأي العام في كل طائفة مؤيد لطائفته وساسته واحزابه ،إذ لا مجال هنا للثقافة والمعرفة، والتعرّف على الآخر، والتمييز، والحوار ،وإبداء الرأي، فحجة الالتزام بقرارات الساسة والقادة والاحزاب والاعلام الموجه لهم يمنع حرية الرأي تحت طائلة التخوين، والنبذ ،وحملات التشهير،وتصل الأمور إلى درجة الاقتصاص من المتفلت…
الرأي العام هو رأي الناس الذي من المفترض أن يعكسه إعلام وطني أو أن يساهم هذا الاعلام في تشكيله…
الرأي العام هو رأي الناس الذي يجب أن يتداول على وسائل التواصل الاجتماعي ليتفاعل ويصبح حالة تغييرية، لا ان يخضع لجيوش إلكترونية تنقض على الاراء المختلفة، وتغسل العقول بأفكار قادة وساسة يعملون لمصالحهم…
الرأي العام هو قناعة الناس بمصالحهم وبما هو أفضل لانسانيتهم ووطنهم، ودولتهم الجامعة…
آن وجود منظومة سياسية متحكمة في البلاد والعباد، والتي يصعب اقتلاعها من جذورها او تغييرها يعود إلى وجود فدرالية رأي عام مغسول ومنقاد ومجنّد لحمايتها…
لا تغيير في لبنان في ظلّ جهل الحقيقة، وعدم الرغبة بمعرفة الآخر أو الاستماع له، فهذه السلوكيات تؤكد بأن لبنان سيبقى كما هو عليه، وستبقى الناس قطعان بشرية تسير إلى مذبحة جماعية ما بين سكين الهجرة أو المجاعة….

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى