“أنا مش كافر.. بس الجوع كافر” تلك العبارة هي مطلع إحدى أغاني المؤلف الموسيقي زياد الرحباني، أذيعت قبل عشرات السنوات، لتترجم اليوم حرفياً على أرض الواقع في ظل أزمة لم يشهد لبنان مثيلاً لها ولا حتى في الحرب الأهلية (تذكر ولا تعاد).
فقد تكالبت الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية على المواطن، الذي لم يعد يقوى حتى على تأمين لقمة عيشه، عداك عن حالات الانتحار التي لم يألفها سابقاً المجتمع اللبناني حتى في أقصى المحن.
اليوم وبتاريخ 18/1/2021 وأثناء جولة لفريق عمل الحقيقة نيوز لأداء واجبه الإعلامي في ظل قرار الإقفال العالم الممتد حتى الأول من شهر شباط القادم.
صادف فريق المجلة مواطناً يقف على قارعة الطريق ليبحث عن طعامه في بقايا أطعمة الآخرين، حافياً.. ثيابه رثة لا تقيه برد العاصفة.. الدمعة تجمدت في مقلتيه.. ولا يملك ثمن كمامة تحجب عنه الموت.
هذا المشهد الذي ولّد في نفوس فريق عملنا شعوراً مختلطاً بين الغضب والنقمة على المسؤولين الذين سرقوا أموال المواطنين ويظهرون على شاشات التلفزة كالحملان.. مظلومين.. ومغلوب على أمرهم.. وكل غايتهم أن يتقاذفوا التهم والشتائم.
وشعور الحسرة على الحال التي آلت إليها الأوضاع في لبنان، فالموت له وجوه عديدة إن لم يكن على أبواب المشافي التي أعلنت عدم قدرتها على استقبال أي حالة مرضية، أو الموت جوعاً في ظل أزمة اقتصادية أفرغت جيوب المواطنين، وحتى من يعمل لا يكسب سوى قروش غير كافية لسد رمقه، أو الموت برداً مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وبدائل التدفئة لا يستطيع إلا من رحم ربي أن يتحمل تكاليفها.
ذلك المشهد استوقف فريق عمل مجلة الحقيقة نيوز، ليمد يد العون لأخيه في الإنسانية قبل الوطن، وإمداده بما يكفيه بأن يبقى في منزله لأيام حتى تمر هذه العاصفة ومتبابعة وضعه في فيما بعد، دون السؤال عن اسمه أو انتمائه، كما وبادرت رئيس تحرير مجلة الحقيقة نيوز لوريت ساسين بالتواصل مع أمين سر جميعة أشرفية 2020 السيد أكرم نعمة، الذي لبى النداء الإنساني على الفور، وتكفل بتقديم وجبات غذائية لذلك الشخص، وما هي إلا دقائق معدودة إلى حتى أرسل مندوباً عن الجمعية وبيده وجبة غذائية ساخنة تكفيه وعائلته.
ومن منبرنا هذا ندعو أي شخص مهما كانت إمكانياته متواضعة، أن يمد يد العون للأشخاص المحيطين به فالله أوصى بسابع جار، وكل سيدة وهي تعد الغداء لعائلتها أن تزيد على المكونات ما يكفي لأن يملأ بطن جائع، لعلى في تظافر الجهود المدنية وتكاتف الأيدي نحقق ما لم تستطيع الحكومة المغيبة أن تحققه.
1٬048