الكاتب والناقد السياسي: فؤاد سمعان فريجي
عند فقدان الضمير تُصبح المحرمات شرعاً عاماً وثابتة ، هذا ما نلمسه في واقع الأحوال اليومية المعيشية .
منذ سنة ونيف تلاحقت الأحداث بشكل دراماتيكي ، وهذا رسم بياني في جعبة المتجول الأقليمي يعاونه بعض الأقزام المحليين الذين نصبتهم الظروف سياسيين يتاجرون بالوطنية ، ولا يملكون اي حس انساني يتعلق بالقضايا المصيرية التي تلوح في الآفق الأقليمي .
ها قد سقطنا في حفرة الأزمات ، المؤلم هو السقوط الأقتصادي والأشد وجعاً .
واقعنا المعيشي في جنازة يومية ، لقد ( فلتت ) الأمور من عقالها وفِي خلال ٧ أشهر ، لم يسبق ان عاش لبنان ومنذ ١٩١٤ هذا الواقع والذي ستستمر فصوله سنوات ، إذ لم يخرج مجنون ويضرب بالضربة القاضية عصابات الأحتكار وتجار الأرواح .
الفقر قرع ابواب الطبقة المتوسطة لينضم الى الطبقة الأكثر فقراً وهذا ما تؤكده الأرقام في دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) عن تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان لتصل إلى 55% عام 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها .
استغل هذا الوضع مجموعة من التجار اللبنانيين فاقدي الأخلاق والأنسانية فأرتفعت اسعار المواد الغذائية بنسبة مئة ب المئة ، علماً ان اي تاجر لم يستورد اي سلعة خلال سنة من الخارج ، ويُروج التاجر ان هذا السعر يعود لأرتفاع سعر الدولار ، مع العلم ان هذا التاجر هو من يتحكم بسعر الدولار ويرفعه ويخفضه ساعة ما يشاء بالتعاون مع دوائر المافيا المالية في لبنان والخارج .
حوالي ٤٢ تاجراً للمواد الغذائية يتحكمون برقاب اللبنانيين وجعلوا من حياة الناس جحيماً فجمعوا مليارات الدولار على حساب الشعب بلا رحمة ، وهؤلاء يجب ان يُحاكموا كمجرمي حرب ،لأن ضحاياهم تُقدر بالآف .
وزير الأقتصاد بالتعاون مع مصرف لبنان دعموا الأصناف الأستهلاكية الأساسية ، فعمد التجار الى شرائها وتهريبيها الى سوريا طمعاً بالأرباح الباهظة ، او جرى احتكارها واخائها لفترة ليعودوا ويطرحونها في الأسواق بالسعر المرتفع وكأن ويسوقون امام الناس انه جرى استيرادها ، فيما المواطنين اللبنانيين يقفون ارتالاً للحصول على حقوقهم الغذائية .
الوزارات المعنية تقوم بواجباتها لضبط الأسعار وتلاحق من يتلاعب بالأسعار ، وتسطر في حقهم محاضر ضبط ، هذا لن ينفع لأن التاجر يدفع الضبط من مال المواطن ، ويكرر المخالفة لعدة مرات ، الحل هو اعتقاله ومصادرة امواله ووضعه في السجن .
وهنا ما يُثبت جنون الأسعار من تقرير لأيناس شري في صحيفة لـ«الشرق الأوسط» وجولة على بعض محال بيع المواد الغذائية، لمقارنة أسعار بعض السلع منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تبين أن سعر كيلو الأرز المصري ارتفع من ألفي ليرة إلى 8 آلاف وسعر كيلو البرغل من ألفي ليرة إلى 7 آلاف، فيما ارتفع سعر علبة الزيت النباتي (5 ليترات) من 17 ألف ليرة إلى 50 ألفاً، فيما تضاعف سعر الطحين والخبز والسكر، أما علبة الحليب من وزن 400 غرام فارتفع سعرها من 5 آلاف ليرة إلى 16 ألفاً.
هذه عينة الأسعار من شهر تموز ٢٠٢٠ ، فيما اليوم بورصة الأسعار تتغير بين ساعة واخرى دون اي رادع ، الحل قمع المافيا من جذورها ، اترك للمستهلك والمواطن ان يُقرر وهو الشاهد المتضرر ، هل يُعقل ان تبقى مواطناً تشتري دون محاسبة وتدفع دون تدقيق ؟