هل تحلُّ قروض الصندوق الدولي ومؤتمر «سيدر» مشكلة السيولة؟!

ذو الفقار قبيسي

التقدّم الذي حققته الحكومة في «اكتشاف» فجوة مالية بـ ٨٣ مليار دولار، يتراجع أمام عقبات لا يكفي لتجاوزها حصيلة من صندوق النقد الدولي ومنها:

١- ان اي حصيلة من الصندوق لن تساهم في حل مشكلة السيولة على الصورة التي تحتاجها أو تتوقعها الحكومة، بل ستتجه الى مواقع ومجالات يحدّدها الصندوق لا علاقة لها بخفض نقدي لعجز الموازنة أو بتأمين سيولة إضافية للمصارف أو لاحتياطيات مصرف لبنان.

٢- صحيح كما تأمل الدولة اللبنانية، ان مجرد الوصول الى صيغة مع الصندوق هي نوع من براءة ذمة أو بطاقة دخول للدولة الى الأسواق المالية الدولية أو الصناديق العربية، للحصول على قروض. إلا ان أزمة الكورونا وتداعياتها المالية والاقتصادية على العالم، قد لا تسمح بأي قروض إضافية قد تحصل عليها الدولة من الصندوق والتي ليس من الواضح حتى الآن حجمها وطبيعتها وشروطها.

٣ – ان إضافة قروض جديدة الى قروض قديمة لا تؤدّي الى الثقة التي هي العامل الرئيسي الذي لا يمكن دونه توقع استثمارات أو ودائع أو تحويلات تكفي لحل مشكلة العجز المزمن في ميزان المدفوعات منذ الـ ١٠ سنوات الماضية وحتى اليوم، أو لحل العجز المتواصل في موازنة الدولة الذي وصل الى ١١% من الناتج الاجمالي المتوقع انخفاضه بسبب تداعيات أزمة الكورونا من ٥٥ مليار دولار الى ٣٥ مليار دولار وفي بعض التقديرات، الى ٢٥ مليار دولار! مع تراجع كبير في الواردات العامة بما لا يمكن علاجه بالمزيد من الضرائب التي سيواجهها الشعب بالمزيد من الاعتراضات والانتفاضات.

٤- ان الدولة لم تصل حتى الآن الى تصوّر حول طرق تسديد ما يتوجب عليها من يوروبوندز بالدولار وسندات بالليرة. ولا الى الصيغة التي ستتوصل إليها مع الدائنين الأجانب الذين يتحفظون حتى الآن حول العرض الذي ستقدمه الدولة بـ «تشحيل» حوالي ٧٥% مما بحوزتهم من اليوروبوندز، بل ينتظرون حصيلة المفاوضات مع الصندوق ليقرروا في ضوئها تقديم عرض مختلف للدولة Counter Offer أو اللجوء الى القضاء في حال تدهور الوضع المالي والنقدي للدولة وفي ضوء التصنيفات السيادية للبنان من قبل الوكالات الدولية للمدى القريب والمتوسط وما يتصل بها من التوقعات عن معدل النمو البالغ تحت الصفر قبل كورونا فكيف الآن وما بعد الآن؟!

٥- وهذا كله مع افتراض ان الصندوق سيتجاوب مع طلب الدولة اللبنانية برغم ما يتخلل النظام من فساد ومحسوبية وطائفية ومذهبية وخلافات سياسية وعجوزات مالية ونقدية لا تصلح ضمانة لاي قروض حتى صغيرة، فكيف بمبلغ الـ ١٠ مليارات دولار الذي تطمح الدولة للحصول عليه من صندوق تتجه إليه الآن بسبب أزمة الكورونا وتداعياتها، عشرات الدول الفقيرة والغنية معا للحصول على قروض!

٦- وهذا فيما دول مؤتمر سيدر باتت تنتظر نتائج المفاوضات مع الصندوق، قبل اتخاذ أي قرار بشأن مبلغ الـ ١١ مليار دولار الذي حتى، ولو أقرّته دول المؤتمر، سوف لن يكون بشكل سيولة نقدية وإنما لتجهيز البنية التحتية وعلى مدى سنوات. وهذا إذا ما زال عند الدول المعنية الإرادة والقدرة والفوائض المالية الكافية لإعطاء قروض، فكيف بمساعدات أو هبات؟!

وعندها إذا استمرت العجوزات المالية والفجوات النقدية، أي حال سيكون عليه لبنان في بنية تحتية منهارة وبيئة استثمارية متخلفة وأزمات اقتصادية تهدّد باضطرابات متلاحقة اجتماعية وأمنية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى