أنت والحقيقة مع الخبير الاقتصادي والناشط الأستاذ نضال أبو زكي

الحقيقة نيوز - زياد العسل

بداية كيف تقرأ مستجدات المشهد اللبناني، وهل لبنان يعاني من أزمة نظام؟ وكيف يمكن مواجهة التحديات الحالية؟
يعاني لبنان من أزمة غير مسبوقة على جميع المستويات، أهمها الأزمة الاقتصادية والعجز في النظام المصرفي والمالي الذي أدى إلى تدهور قيمة العملة المحلية وزيادة التضخم وارتفاع نسبة البطالة، والتي بدورها أفرزت تحديات اجتماعية كبيرة، حيث زادت معدلات الفقر وتراجع مستوى الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية، وبات العديد من اللبنانيين يشعرون باليأس والإحباط نتيجة قلة الفرص الاقتصادية والمعيشية المحدودة.
إلى جانب ذلك، يواجه لبنان أزمة حادة في الأمن الغذائي، حيث يعاني المجتمع من صعوبة الوصول إلى الطعام الكافي، وتأثرت الإنتاجية الزراعية بسبب قلة الموارد وزيادة التكاليف وتدهور البنية التحتية الزراعية. كما تأثرت سلاسل التوريد والتجارة بالتحديات الاقتصادية واللوجستية. وبحسب التقرير العالمي السابع لعام 2023 الصادر عن الشبكة العالمية ضد الأزمات الغذائية وشبكة ‏معلومات الأمن الغذائي فإن لبنان يواجه أزمة حادة ‏في الأمن الغذائي منذ نوفمبر 2019، نتيجة الأزمة ‏الاقتصاديّة والمالية غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد.
ومن أبرز التحديات التي نواجهها اليوم هي سوء النظام الذي امتد على مدى سنوات طويلة، وغياب دور الحكومة وسوء الإدارة، فيجب تبني إصلاحات جذرية في النظام الحكومي والمؤسسات العامة، أبرزها تعزيز الشفافية وقدرة الحكومة على تلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات العامة الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية. كما ينبغي تعزيز التواصل بين الحكومة والمواطنين، وضمان مشاركتهم في صنع القرار.

2. كيف يمكن الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التي نعاني منها منذ عقود؟ وهل تدخل صندوق النقد الدولي هو قدر علينا؟
بدايةً لا يمكن أن تأتي الحلول للأزمة الاقتصادية في لبنان إلا من داخل لبنان، وإن التأخير في تنفيذ خطة شاملة للإصلاح والتعافي سيؤدي إلى تفاقم الخسائر على صعيد رأس المال البشري والاجتماعي، ويجعل التعافي أطول أمدًا وأكثر تكلفة.
علاوة على ذلك، فإن معظم الدول في العالم تولي تطوير النظام الاقتصادي اهتماماً كبيراً لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. ويجب على لبنان العمل على العديد من الملفات للنهوض بالاقتصاد من جديد ومحاولة الخروج من تداعيات الأزمة الحالية. ويأتي على رأس الأولويات تنفيذ إصلاحات هيكلية في القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل النظام المالي والمصرفي والضرائب والجمارك، بالإضافة إلى خلق بيئة أعمال ملائمة للشركات وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية وحماية حقوق المستثمرين، فضلاً عن تنمية القطاعات الاقتصادية الجديدة التي يمكن أن تسهم في تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل جديدة. ويمكن أن تشمل هذه القطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة والسياحة والصناعات الإبداعية.
وخلاصة القول، يجب أن يكون هناك التزام دائم بالتغيير والإصلاح، وعمل مستمر على تحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارية في لبنان. ومن خلال الجهود المشتركة والسعي الجاد، يمكن للبلاد أن تتجاوز الأزمة الاقتصادية وتحقق نموًا وازدهارًا مستدامين.

3. كيف يمكن أن تصف لنا تجربتك كرجل أعمال لبناني ناجح؟ وما هي أهم النصائح التي يمكن أن تقدمها لكل صاحب مشروع أو حلم، تقف الظروف الحالية عائقًا أمام ما يصبو إليه؟
– هناك العديد من السمات التي يتميز بها رجل الأعمال الناجح، وأعتقد أن امتلاك الإرادة القوية والإيمان بالقدرة على تحقيق الأحلام هي أبرز مقومات النجاح والتميز. وقبل البدء في أي مشروع، يجب على الشخص تحديد رؤية واضحة وأهداف طموحة يسعى إلى تحقيقها، بالإضافة إلى الاستعداد الدائم للاستفادة من الفرص المتاحة وتحليل السوق والاتجاهات الصناعية، والبحث عن الفجوات والاحتياجات في السوق، وابتكار حلول فريدة ومبتكرة.
– إلى جانب ذلك، ينبغي بناء فريق عمل متناغم يدعم بعضه البعض، والبحث عن الأشخاص الموهوبين والمتحمسين الذين يشاركونه رؤيته، ويمتلكون المهارات المطلوبة لمساعدته على تحقيق النجاح.
– ولا ننسى أن النجاح في عالم الأعمال يتطلب الالتزام والتفاني والصبر والتعلم المستمر لتوسيع المعارف وتطوير المهارات. فقد تواجهنا صعوبات وتحديات عديدة، لكن من خلال التعلم من الأخطاء والاستفادة من الفرص، يمكننا تحقيق النجاح المستدام.

4. ما هي رسالتكم للشباب اللبناني؟ وأين يكمن بصيص الأمل وسط ضبابية المشهد برمته؟
على الرغم من التحديات التي يواجهها لبنان اليوم، فإنه يمتلك الشباب أصحاب الخبرات والطاقات المبدعة والإمكانيات التي تمكنهم من تخطي وتجاوز هذه المرحلة الصعبة. فالشباب اللبناني يتميز بالحماسة والشغف، وهو قادر على تحويل التحديات إلى فرص، ويمتلك القدرة على الابتكار والتكيف مع الظروف المتغيرة.
ورسالتي للشباب اللبناني بأن يبقى على مستوىً عالٍ من الوعي بالمشكلات التي يواجهها. فالأمل يكمن في التمسك بالإيمان بقدرتهم على تغيير الواقع، والإدراك بأن التحديات والصعاب التي يواجهونها ليست مستحيلة، وأنهم قادرون على تخطيها بالتكاتف والعمل المشترك. ونصيحتي لهم أن يحرصوا على استخدام مواهبهم وقدراتهم لتحقيق التغيير في حياتهم ومجتمعهم. وتذكروا أن النجاح يأتي بالصبر والعمل الجاد والاستمرارية. لذا، لا تفقدوا الثقة والأمل، وتحلوا بالصبر والإصرار، واجتهدوا في بناء لبنان الجديد الذي يعكس طموحاتكم وطموحات الأجيال المقبلة. واستمروا في التعلم والتطوير المستمر، وابحثوا عن فرص للابتكار وتحقيق التغيير الإيجابي في مجتمعكم.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى