الدولة العجوز

الدكتور بلال علامة

عندما أراد تولستوي أن يُؤرخ لهزيمة شعبه كتب تلك الرواية  :” الحرب والسلم” .

وقد بدأ روايته بهذا المشهد :

مجموعة من أبناء الأغنياء يُعربدون وسط الليل وقد أذهبت الخمر عقولهم ، يقومون من باب التسلية بربط “شُرطي” وهو في زيه الرسمي بأحد الدببة وسط ضحك هستيري لاٰ يهدأ . ربطوا مُمثل الدولة في دب ثم أفلتوا له العنان ليروا ماذا يحدث .

يتبع ذلك مشهد “توبيخ” بسيط من آبائهم لهؤلاء المُشاكسين علىٰ ما فعلوه ، توبيخ بسيط لاٰ أكثر !

اختار تولستوي “الشرطي” عن عمد ليشير أن الدولة والقانون لاٰ ينطبق علىٰ بعض الناس الذين ينظرون للدولة كأملاك خاصة بكل ما تحمله الكلمة من دلالة ، بل إن الدولة ومن فيها مُسخرين لخدمتهم .

أما عن المواطن – مهما علا شأنه – فهو مجرد رقم بشري لاٰ قيمة لهُ إطلاقًا  .

بهذه الصورة تكون الهزيمة مُبررة أيما تبرير ، فلاٰ هؤلاٰء سيُضحون في سبيل نصرة وطن تنعموا بخيراته وقت السلم ، ولاٰ من حُرم أدنىٰ الحقوق بمستعد للمُوت في سبيل وطن ليس لهُ… !

وهذا ما يقوله التاريخ لنا، لاٰ هزيمة لأمة إلاٰ إن وُجدت لها الأسباب الداخلية التي تُساهم في وقوعها !

نعم لقد هزمت الدولة اللبنانية عندما أسقط دور مؤسسات الرقابة والمحاسبة فتم التغاضي عن كل الموبقات والمخالفات التي الحقت بالقطاع العام .

نعم لقد هزمت الدولة اللبنانية المدنية أمام طوائف الداخل ومصالحها.

نعم لقد هزمت الدولة اللبنانية وسيادتها عندما سمح للمليشيات بالإبقاء على سلاحها تحت حجج متعددة.

نعد لقد هزمت الدولة اللبنانية عندما إستبيح القانون وتحولت السلطة القضائية الى قضاة سلطويين يعملون وفق مصالح غب الطلب.

نعم لقد هزمت الدولة عندما إستباحت التطبيقات السوداء سيادة الليرة اللبنانية على الأراضي اللبنانية .

نعم لقد هزمت الدولة عندما ربط الامن بالدب الذي راح يراقص رجال  الأمن وسط ضحكات أفراد المجتمع.

نعم لقد هزمت الدولة وعندما تهزم الدولة ينهزم المواطن فينهزم الوطن.

الى متى سيبقى لبنان معلقاً على ايقاع رقصات الدب ، ألم يحن وقت التوقف عن الرقص على حافة الهزيمة؟

ألم يحن وقت النهوض؟ ألا يوجد في لبنان من يستطيع ضبط الدب وإيقاف الضحك ؟ .

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى