
بصراحته التي لا يختلف عليها أحد، وجرأته التي كبدته المغارم أكثر من المغانم، وذلك النفس العروبي الذي يتحلى به، والتعددية والمواطنة التي يحلم بتطبيقها في وطنه، التقت رئيس تحرير مجلة الحقيقة نيوز لوريت ساسين، النائب السابق والسياسي البارز مصباح الأحدب.
الذي أكد للحقيقة نيوز أن هناك مسار بدأ منذ مدة وتراكمات سابقة تعمل على عزل لبنان عن هويته العربية، وفي الوقت الراهن هناك خطر يؤثر على استقرار لبنان الداخلي، بالإضافة إلى تأثير هذا المسار على مصالح مئات آلاف اللبنانيين الذي يعملون في دول الخليج من جميع الطوائف والانتماءات، وبالمقابل المواطن ينتظر من الدولة أن تحمي مصالحه، ولكن عندما تتفتت الدولة لن يكن هناك من يحميه، ومن بقي في لبنان مصيره معلق، ولا سيما أن الكثير من المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والانهيار الحاصل في سعر الصرف يعتمدون على الحوالات الخارجية.
وأضاف الأحدب أنه لا يمكن معالجة هذا الملف عبر تصريح من وزير أو مسؤول، وإنما تتم المعالجة عبر مؤسسات الدولة علماً أن فخامة رئيس الجمهورية حتى هذه اللحظة لم يتأخذ أي موقف صريح وواضح.
ولفت أن هناك تناقض واضح في تحديد هوية لبنان وخاصة في التوجهات والحديث عن لبنان المشرقي وتحالف الأقليات واستبعاد الانتماء العربي، وبناء لبنان المواطنة والمتعدد الذي يمنح جميع المواطنين الحقوق والواجبات ذاتها في إطار دولة مدنية جامعة.
وأشار إلى أن قيادة البلد قائمة على مصالح شخصية خاصة دون أي رؤية عامة لمصلحة الدولة ككل، وكل مسؤول يبحث عن مصلحته، ويبذل كل الجهد للحفاظ على منصبه، ويبحث عن مجالات للكسب المادي، مقابل تنازلات تقدم لحزب الله الذي يحكم لبنان بالسلاح.
ونوه إلى أن هناك تصريحات من مسؤولين تعزز نار الفتنة بين لبنان ودول الخليح، وهذا الكلام مرفوض قطعاً، ويصب في مصلحة إيران وليس في مصلحة أي مواطن لبناني مهما كان انتمائه، وأجهزة الدولة لم تعد موجودة، وإنما هناك دولة أمر واقع تستخدم القضاء ومفاصل الدولة المدنية والعسكرية لتنفيذ أجنداتها على حساب مصلحة المواطن اللبناني.
وحول استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، صرح الأستاذ مصباح الأحدب أن هذه الاستقالة كان يجب أن تتم في بداية الأزمة، وهي تعبير على أن لبنان لا يقبل بأي تصريحات استفزازية، وزرد على ذلك التصريحات المتتالية من العديد من الوزراء السابقين والحالين وآخرهم تصريح وزير الخارجية اللبناني.
مضيفاً أنه بعد الاستقالة يجب أن تعقد جلسات حوار، ونرفض أن تكون هناك أي وساطة أجنبية بيننا وبين أشقائنا العرب، وللمحافظة على العلاقات الودية يتوجب على رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء القيام بزيارات للدول الخليجية، ولكن النية المبيتة تصب في خانة وضع لبنان بمواجهة مع دول الخليج، وهويته العربية، ومصالح الشعب اللبناني وهذا الأمر مرفوض.
وذكر الأحدب أن لبنان ينهار ولم يعد أحد يتحدث عن هذا الملف، حتى الأصدقاء الدوليين يغضون الأبصار عن ذلك، ولم يتخذوا أي إجراء إسعافي سريع للعودة بنا إلى المسار الصحيح، وما يحصل الآن هو إعادة إنتاج سياسيين لم يكن الشعب راضٍ بهم، فلولا التدخل الفرنسي لما عاد الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي.
وعلى رئيس الحكومة أن يبادر بإتخاذ قرارات حاسمة، وإن لم يكن باستطاعته ذلك فليستقيل ويسلم هذه المهمة لشخص آخر.
وأكد إلى أنه منذ بداية الأمر تحدث عن أن هذه الحكومة هي حكومة إعادة تدوير طبقة سياسية معينة وليست حكومة إنقاذ، كما وانها ليست حيادية بل حكومة محاصصة والتوازنات في لبنان هي من تدير هذه الحكومة، وأكبر دليل على ذلك التشكيلات الأمنية والتعيينات القضائية التي حصلت مؤخراً.
مضيفاً أن الشعب اللبناني بحاجة لإجراء انتخابات نيابية ولكن بشروط وخارطة طريق واضحة، أما إذا أردنا أن نجري انتخابات شكلية تضفي الشريعية على هذه الطبقة السياسية فهذا أمر آخر.
وفي الانتخابات يجب أن تطرح صيغة معينة في ظل قيام ثورة شعبية، والمطالبات كانت تتمحور حول دولة مدنية تحمي هذا الشعب وليس عبر ممثل الطائفة أو الحزب في مؤسسات الدولة.
منوهاً إلى أنه في أحداث الطينة وعين الرمانة لاحظنا كيف تم التعامل مع أطراف الحادث، فريق لم يتم التحقيق مع أي شخص منه، وفريق آخر تم توقيف عدد كبير منهم ولاولا التدخلات الدينية والضغوضات السياسية لم يتم الإفراج عنهم، كما وأنه لدى عرب خلدة صدر قرار ظني بحق العديد من الموقوفين تصل عقوبتهم لحد الإعدام.
وأشار إلى أنه اليوم المحاربة أصبحت واضحة وليس للتطرف السني فقط مثلما يزعمون، ويجب أن يكون هناك موقف واضح من شركائنا في الوطن.
وقال الأحدب أن اعتبار أحداث الطيونة مقابل القاضي بيطار هو أمر غير مقبول، والضحايا الذين توفاه الله والأشخاص الذي تهجروا من منازلهم جراء الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت لا نستطيع أن نقول لهم ما حدث هو نتيجة توازنات سياسية.
وصرح أن لبنان ذاهب إلى الارتطام الكبير والفوضى وذلك بسبب غياب الإجراءات الإنقاذية على المستوى الاقتصادي والضمان الاجتماعي ولا يوجد أي رؤية واضحة لإحداث تغيير ملموس في الانتخابات النيابية.
وهناك عاصفة سوف تهب على لبنان وجميع القوى السياسية بانتظار أن ترى مسار هذه الرياح حتى تعيد إنتاج مصالحها وفقاً لذلك، وعلى اللبنانيين أن يضعوا أجندة قائمة على المصلحة العامة وليس على أهواء السياسين حتى نستطيع مواجهة هذه العاصفة والتمسك بجذورنا وبناء دولة تضمن حقوق جميع المواطنين.
وذكر أنه في الشمال اللبناني القيادات السنية دخلت في تحالف الأقليات، والوظائف تمنح لأبناء الطوائف المسيحية، والسؤال يكمن هنا أليسوا العلويين من الأقليات؟؟؟ فلم نشاهد أي شخص من أبناء الطائفة العلوية بالشمال في أي وظيفة من الوظائف العامة، بالإضافة إلى تخوف من الطائفة السنية والدولة هي من ترعى المشايخ الذين يدعون للتطرف، لتعود هي ذاتها باعتقال من تلقى تعليمه عند هؤلاء الشيوخ.
وأشار إلى أن لبنان اليوم مقسوم إلى فريقين، فريق لبنان المقاوم والممانع، وفريق لبنان التعددي والاقتصاد والنمو والانفتاح والسياحة، والفريق الأول له قيادة واحدة متمثلة بالسيد حسن نصر الله، بينما الفريق الثاني ليس له قيادة مركزية ترعى التوجيه والجيمع يعمل وفق مصالحه الشخصية.
وفي الظروف الراهنة لا أتوقع أن تغيير تحت قبة البرلمان بسبب عدم وجود طرح بديل وسقفٍ عالٍ في ممارسة السلطة لإدارة الانتخابات، ونحن بانتظار بداية العام القادم لنبدي موقف واضح تجاه الانتخابات الحقيقية.
وأكد الأستاذ مصباح الأحدب لو أنه يرغب بالمناصب لكان الآن نائباً في البرلمان، والجميع يعرف كيف تدار اللعبة السياسية، ولكن خلال وجوده في طرابلس كان لديه موقف واضح من التحالفات التي ستبنى وفق مصالح أهل طرابلس وهي مصالح وطنية عام.
مضيفاً أن أي سياسي عندما يكون لديه طرح يصب في المصلحة العامة، تتعامل معه الدولة على مستوى المصالح الشخصية لكسب تاييده وتخفيض سقف مطالبه الوطنية.
وأنه في طرابلس تم عزل المواطنيين عن الدولة، فالدواء كانت توفره مستوصفات تابعة لأحزاب أو تيارات وليس من وزراة الصحة، وكذلك الأمر بالنسبة للمنح التعليمية، وبعد ذلك تم قطع هذا التمويل من قبل المؤسسات مما تسبب بخلل، والذي ابقى على الاستقرار في طرابلس هو التكافل الشعبي الاجتماعي بعيداً عن مؤسسات الدولة.
منوهاً إلى أن طرابلس تتمتع ببيئة مناسبة لبناء اقتصاد متكامل وتوفير فرص العمل وتحقيق تنمية على جميع الصعد، ولكن يتم العمل بشكل ممنهج لإفراغ المنطقة من ابنائها، أو أن يتبعوا منظمة دينية تحكم البلد.
يمكنكم متابعة المقابلة كاملة عبر قناة الحقيقة نيوز على اليوتيوب
- تصوير: نسرين الأعور