
قيل على لسان العرب قديماً “مزمار الحي لا يُطرب”، هذه الحكمة التي توصف حال كل مثقف عربي عامةً واللبناني خاصةً، يهان في بلداه وتستقبله الدول المتحضرة بحفاوة لمعرفتها بما يمتلك من طاقات إنسانية وإبداعية وكيف من الممكن الاستفادة من هذه الطاقات.
إلا أن الروح تظل ملعقةً على جدران البيت القديم، والمخيلة لازل يرتسم بها أول شقاوة من فتيان الحي، وأول حبٍ عذري في سنين المراهقة، فتأبى الروح والمخيلة أن تفارق هذه الذكريات لتزيد من الشوق إلى الوطن الأم.
التقت الحقيقة نيوز بالمخرج غسان غساني، الذي صنع محتوىً فنياً أصبحت عبارته على لسان القاصي والداني في الوطن العربي، لتصبح “تريندات” قبل أن حتى أن ينتشر مصطلح “تريند” على وسائل التواصل الاجتماعي.
غسان غساني في سطور
- ولد المخرج غسان غساني في قرية جنوبية لمدينة ساحل صور – برج رحال.
- انتقل مع عائلته إلي مدينة بيروت، وقد تلقى تعليمه في العديد من المؤسسات التعليمية، منها مدرسة “الفرير” و “المحبة المريجة”، وتخصص بعدها في علم الإخراج.
- عند اندلاع الحرب الاهلية في لبنان، كان يعمل مع والده في تجارة الاخشاب، وأصبح فيما بعد عضواً في غرفة تجار بيروت.
- دخل عالم الإخراج والفن، فوضع بصمته الخاصة، مجسداً أفكاره المميزة لأعمال فنية ناجحة، حققت له شهرة واسعة علي صعيد العربي والعالمي.
- انتخب عضو المنتدى اللبناني الثقافي في باريس،
- كما وأنه عضو في نقابة الفنانيين السينمائيين.
- مثل دولة لبنان في أكثر من محفل فني في العالم العربي علي صعيد الثقافة والفن.
وبسؤاله عن مشروعه الفكري وعن الأهداف التي يطمح للوصول إليها في عالم الفن والثقافة، أجاب:
في الواقع كل ما أطمح إليه هو أنا أزرع البسمة والفرح علي وجوه الاخرين، وأن انقل الصورة الحقيقة إلى المشاهد.
أما بالنسبة إلى الثقافة دائم ما يتم تداول اسمي في الأوساط الثقافية، اعتقد لأني شخص مسالم، وابتعد عن المشاحنات، كما أني احترم الأخرين،
مشيراً إلى أنه في الماضي حصلت الكثير من المشاكل، وكنت أنا من يصلح الأمر فاتدخل لتسوية الأمور.
وأضاف لقد عملت في الماضي مع شركة أبحاث واستشارات، وكانت هذه الشركة ترسم خطة اصلاحية ودستورية لبعض دول الخليج، وفريق العمل الاستشاري كان مكون من سبعة اشخاص، ودائماً كانت أفكار هي التي تلقى القبول والتقدير.
منوهاً إلى أنه كان دائم السفر إلى العديد من الدول بحكم عمله، فكان يمضي شهراً في لبنان وآخر في دولة ثانية،
أما عن مجال الأبداع في سويسرا، وخاصة وانه انتقل للعيش هناك، فأوضح أنه لديهم اهتمام أكبر من بعض الدول العربية بالمفكرين والمثقفين، فلديهم اكتفاء ذاتي، ويقدرون جداً المبدعين العرب، إلى أنه دائماً يبقي الحب والابداع لبيروت.
وقد ابدى اسفه أنه جاء له بعض الاصدقاء في سويسرا وطلبوا منه العمل في مجال الاخراج للدولة السويسرية فقط.
وعن حالة المثقف العربي بالمجمل واللبناني خاصةً، نوه غساني إلى أن بعض الدول العربية يوجد فيها احترام وتقدير للمثقفين، أما في لبنان فإن الاحترام مفقود، ويتم التعيين في بعض المناصب علي صعيد المحسوبية وليس بحسب الكفاءة.
ويتمتع المخرج اللبناني غسان غساني، بقدرة إبداعية فريدة في أعماله حيث أنه أضحكتنا بفيديوهات دعائية لا تتجاوز مدتها 45 ثانية وأصبحت حديث الشارع في لبنان والعالم العربي (كدعاية Buzz ) وبذات القدر استطاع أن يبكينا عندما أخرج أفلام عن الحرب الأهلية والثورة اللبنانية، وعن هذه المسألة ذكر غساني أنه منذ عام 2009 اخرج أكثر من 70 اعلان في لبنان والخليج.
مشيراً إلى أنه علي مر السنين بدأنا نكتشف من خلال عملنا، أن الشباب اللبناني يهاجر، كما رأينا بعض الشباب الجامعي المتخصص لا يستطيع الحصول على وظيفة، وإنما يعملون في الكافيهات والمطاعم في شارع الحمرا.
مضيفاً أنه قرأ الدستور اللبناني بالكامل يتعرف على حقوق الشاب اللبناني، فعلى الرغم من أنه ليس محامي ولا رجل قانون، فهو يستطيع من خلال الإخراج ان يرسل رسالة لنظام السلطة عبر الرؤية السنمائية.
وبسؤاله عن الحرب الأهلية اللبنانية التي تعتبر ذكرى سيئة في أذهان اللبناني، ولكنه قد أخرج فيلماً عن تلك الحرب، فهل كان المقصد من هذا العمل الفني هو التوثيق أو صرخة تذكير للبنانية وتحذير من العودة لتلك الحقبة؟
أوضح المخرج غسان غساني أنه اكب هؤلاء الحكام منذ الحرب الأهلية إلى الآن، وهم ذات الطبقة السياسية، وعندما كان صغيراً كان يقف مع المرحوم والده على محطات الوقود للحصول على مادة البنزين، وكذلك الأمر في الأفران، فالتاريخ يعيد نفسه، وهذه المشاهد موجودة في الفيلم (الجزء الأول والثاني).
متابعاً انه قد اخرج هذه الفيلم لانه كان يعلم بأن الاحتجاج في الشارع لا ينفع شيئاً، وأردت من خلال هذا الفيلم أن أوصل رسالة ليس الي الشعب اللبناني فقط بل لدول عربية وأوروبية، وهذا ما حصل فعلاً، لأننا نعيش تحت حكم عصابات وكوتونات مقسمة لكل زعيم كوتونه، ولا يوجد في لبنان دولة مؤسسات.
منوهاً أن أعماله الفنية حالياً في لوزان – سويسرا، وأنه سيبقى يعمل على توعية الآخرين، حيث تبين له أن صندوق الاقتراع هو ثورة، وسيبقى مع لبنا حتى يتحرر من الفاسدين و”العصابات الحاكمة”.
وانتقلنا في حوارنا مع المخرج غسان غساني من الجانب الفني للجانب الإنساني والوطني، وافتتحنا هذا القسم من حوارنا بسؤاله عن لبنان وماذا يعني له وطنه الأم، فنهمرت أول دمعة من عينيه قائلاً “لا تجبرني أن أبكي” فلبنان بالنسبة له هو قلبه النابض، لبنان هو حرية الرأي والتعبير، لبنان هو التنوع والابداع الثقافي.
وأشار غسان إلى أنه قبل الثورة بثلاثة أعوام، كان ناشطاً وقد كتب العديد من المقالات والأفكار علي موقعه الشخصي، كانت الغاية هي توعية الناس من الحكام الظالمين بحق الشعب، ويذكر أنه كان من أول المباردين بالتواجد في الاحتجاجات منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة.
وعلى إثر تلك المشاركة، يذكر غساني أنه تلقى تهديدات واسع النطاق، وكان مبرمجة، حيث عملوا أولاً مع المقربين له لتشويه سمعته، ومن ثم تلقى تهديدات في بيروت، كان متواجد آنذاك في منطقة الحدث، واطلقو النار نحوه، ومن أطلق النار معروف انتمائه الحزبي، حيث كانوا ينتمون لـ “العهد القوي” وكانوا من اتباعه، وعندما أراد التقدم بشكوى نصحه الضابط المسؤول بأنه سيقدم شكوى بحق أشخاص لا يستطيع أحد القبض عليهم وأنهم يمسكون بمفاصل الدولة.
في اليوم التالي مباشرةً، ذهب غساني إلى السفارة الفرنسية مستكملاً جميع أوراقه، وأخذ التأشيرة الدول في ذات اليوم إلى باريس، ثم توجه إلى لوزان – سويسرا، حيث تقدم إلى الدائرة الفدرالية، فلقي اهتمام وتقدير من السلطات المختصة هناك وهناك، وشعر في وقتها أنه أصبح بأمان.
وأشار أنه سيعود إلى لبنان إذا تحققت الغايات التالية:
- عندما نتحرر من هذه العصابة الحاكمة التي تغتال وتقتل.
- عندما نخلع اتفاق الطائف المدمرالذي اوصل البلد ما هو عليه.
- عندما يأخد كل مواطن حقه بحسب المادة رقم 11و12 في الدستور اللبناني.
- عندما يكون لبنان دائرة واحدة انتخابية خارج قيد الطائفي، وليس كل زعيم له محافظة وقضاء.
- عندما يأخذ رئيس الوزراء قرار السلم والحرب ويلتزم في اتفاقية جنيف لاحترام حق الشعوب العربية.
- عندما لا يكون ترتيب لبنان 145 من أصل 143 في قائمة الدولة الفاسدة في العالم.
وقال غساني ، أن الثورة ليست حزب أو جماعات متشددة، فالمواطن اللبناني ليس لديه كهرباء أو مياه أو مستشفيات تستقبله أو مدارس على قدر جيد من التعليم، فالأوضاع على حالها منذ 30 عاماً لم يختلف فيها شيء.
والثورة مستمرة إلى أن يحقق كل مواطن شريف اهدافه، ونسترد أموال الشعب المنهوبة.
فالدولة لا يمكن أن تبني شعب، الشعوب هي من تبني الدولة، أما بالنسبة للأحزاب فقد شاهدنا في الفترة الاخيرة مشاركة قوية منها في الثورة، ومعروف لدى الجميع أي حزب يريد أن يخطف القثورة ومكاسبها لتحقيق مكاسب سياسية والضرب بآحزاب اخرى، فالشعب أصبح أوعى كثير وسوف نرى ذلك في الانتخابات القادمة.
وأشار غساني إلى أنه التقى في جنيف أحد المسؤولين في الأمم المتحدة، وكان محور اللقاء يركز على القيام بأي عمل يساعد به الشعب اللبناني، فكانت الإجابة من المسؤول الأممي، أنه لو كان لديهم أي ثقة في الحكام اللبنانيين لكنت الأمم المتحدة قد أرسلت طائرة كاملة من المساعدات الغذائية والدوائية، ولكن لديهم إيمان قوي بأن هذه المساعدات سيتم الإتجار بها وبيعها في السوق السوداء.
وأبدى غساني تخوفه من العقوبات التي ممكن أن تفرض فتوقف التحويلات المالية إلى لبنان، أو يتم إيقاف الملاحة البحرية، أو حتى منع استيراد اللوازم الطبية وغيرها من المواد الأساسية.
وفي ختام حديثه توجه المخرج غسان غساني بالقول إلى كل مواطن لبناني شريف، أن يبقى في بلدنا الحبيب، فقد خرجنا منه اننا عنوة وأنتم تعلمون الاغتيالات التي حصلت في الاخر.
مستطرداً أنا مع وطني ومن هنا سوف أبقي أرسل الصورة لكي أحقق أهدافي التي تعطي كل مواطن حقه، فالتحرر من العدو اوهن بكثير من التحرر من السياسة العبودية.
يمكنكم قراءة الحوار بكل لغات العالم من خلال الضغط على علم البلد المطلوب الموجود في أسفل الموقع
You can read the dialogue in all languages of the world by clicking on the flag of the desired country at the bottom of the site
Vous pouvez lire le dialogue dans toutes les langues du monde en cliquant sur le drapeau du pays souhaité en bas du site