
يُسعدني أن أطُلَّ عليكم مجدداً من خلال زاويتي الأسبوعية
نافذة الأسبوع .
في وقتٍ نحن أحوج ما نكون فيه إلى وقفةِ تأملٍ بماهية العمل الإنساني و الحقوقي و الذي من خلاله نستعيد حقوقاً هي في الحقيقة مطالب عادية تُعطى للمواطن لأنها من أبسط حقوقه المشروعة ضمن مجتمعٍ مبني على مبدأ المساواة بين أفراده و العدل بين أبنائه، من هنا جاءت المطالب الجماهيرية المحقة على امتداد الوطن العربي ومن رَحِمِ المعاناةِ و ضيقِ ذات اليدِ و شَظِف العَيْشِ، فالفساد آفة فتّاكة و هدامة كما هو معلوم فتكت بالمجتمعات و الشعوب لكن الأَدْهَى وَالأَمَرّ ذاك المرض العُضَالُ الذي يَنخرُ في جسم الأمّةِ وبُنيانِ الدولةِ أعني الطائفية السياسية و المذهبية البغيضة الهدّامة هذا الوباء الذي ينتشر بجسدها ونسيجها المجتمعي ليفتكَ بهِ و ما زال شعبنا العربي يكافحُ و يناضلُ للتحررِ من هذة الآفة الخطيرة ومايحصل في لبنان المحبةِ وعراق الخير على سبيل المثال لا الحصر أَجلّ صورة لرفض الفساد و الظلم وهذا الواقع المأساوي الذي تجلّى في ظلِ نهبِ الأموال و فساد الدولة و تسيس القضاءِ و المحاصصة البغيضة بين ملوك الطوائف. والأغرب من هذا و ذاك ما يعيبه البعض علينا بعملنا الإنساني و الحقوقي و مطالبتنا الدؤوبة باستعادة كرامة وطن بأكمله والمطالبة بحق المرأة اللبنانية لإعطاء جنسيتها لأولادها و بتصحيح أوضاع مكتومي القيدِ و قيد الدرس و الأغرب من ذلك كله التُهم الموجه بشكل أو بآخر على جمعيات و هيئات حقوق الإنسان بأنها تتبع لدول غربية وأنها غطاء تتستّر الدول به من أجل مصالحها في الشرق الأوسط أو كما يطلقون عليها دول العالم الثالث وما هذة التُهم الباطلة إلا تهرُّباً من مسؤوليتها تجاه شعوبها ومطالبهم الحقوقية بالديمقراطية و المساواة و العدل ودولة توفّر أدنى مستوى لحقوقهم في ظلّ مجتمعٍ خالٍ من الفساد و المحاصصة و الفقر و البؤس و تأمين أقل مستلزمات العيش الكريم من التعلّم و الطبابة و ضمان الشيخوخة و غيره الكثير الكثير من أمور الحياة العادية.
من هنا نسأل أنفسنا أليس لنا الحق بالعيش الكريم أُسوة بالشعوب المتحضّرة، أو ليس لأولادنا الحق في أن يكبروا في مجتمعٍ خالٍ من الفساد و الكراهية و الخوف من الطوائف الأخرى، أو ليس لهم الحق بأن يعيشوا و يحصلوا على حقوقهم المتفق عليها عالمياً و ما نصتْ عليه معاهدات واتفاقيات الأمم المتحدة و حقوق الطفل، أو ليس من حق المرأة اختيار شريك حياتها حتى و لو لم يكن لبنانياً و إعطاء أولادها جنسيتها اللبنانية، أو ليس من حق من سقط سهواً و لم يسجله والديه لدى الدوائر المختصة أن يتم تصحيح وضعه القانوني!!!!؟؟من هنا نتساءل إلى أين ذاهبون في ظل سياسة دولةٍ مازالت مُصرة على منظومة التمييز العنصري و الديموغرافيا و تخويف الطوائف من بعضها البعض و عدم المساواة بين المرأة و الرجل و تسوية حقهما بإعطاء الجنسية لأولادهما.
كفانا فالشعب يرفض بعد الآن سياسة الفساد و الجوع و ضياع الحقوق الإنسانية و كفاكم يا من تزرعون الشك بنفوس المواطنين لمجرد أن هناك جمعيات و مبادرات و حملات تحمل راية الدفاع عن حقوق الإنسان فخوفكم من انتشار المُطالبة بحقوق الشعب هو ما يرعبكم و نحن بدورنا في المبادرة اللبنانية الأوروبية لحقوق الإنسان لن نتركَ مشعل الحرية و الكرامة الإنسانية إلا بعد إنتشار العدل و المساواة في ظل مجتمع خالٍ من الأمراض الهدّامة.
فهذه الأمراض هي العقبةُ الكؤود أمام مشروعِنا باستعادة الحقوق فَتَبَصَّروا.
ختاماً تحية قلبية إنسانية لكل حركات التحرر في دنيا الإنسانية ذات الطابع السلمي ولكل مُحبي السلام في العالم سائلين المولى عز و جل أن يَعمَّ السلام و الأمن في كل الأوطان.