
محمد حسن عبدالله الخرفان.. ابن بعلبك الذي تجاوزت حكمته سنين عمره وهو في ريعان شبابه، ومازال باب داره مفتوح لكل قاصد كما أوصاه والده، الذي ترك أعماله في العديد من العواصم العربية والأجنبية ليأتي ويستثمر في وطنه لبنان، مرسلاً بذلك رسالة ضمنية لكل شاب يفكر بأن يترك أرض أبائه وأجداده ويبقى بعيداً عن تراب بلده.
التقت الحقيقة نيوز بالسيد محمد حسن، وأجرت معه حواراً اختلطت فيه المشاعر بين عشق الوطن وبين الوضع المأساوي الذي أجبر العديد من الطاقات الشابة لأن تهاجر وتستفاد دول اخرى منها.
وبدأنا معه الحديث ليخبرنا عن “Naya Dor” وكيف خطرت له هذه الفكرة ليجمع في مكان واحد مطعم لتقديم الوجبات الغربية، ومقهى، وباتيسري يقدم الحلويات والبوظة بالإضافة إلى المعجنات التي لا يخلو أي منزل لبناني منها، حيث قال أنه وخلال زيارته للإمارات شاهد باتيسري فرنسي شامل يتم فيه تقديم كل ما تشتهيه النفس، وأيضاً شاهد نفس الطراز في كل من العراق ونيجيريا، فأراد أن ينقل هذه التجربة إلى وطنه الأم لبنان، فهو شيف مختص بالحلويات والخبز الإفرنجي والكاتو والبوظة، وقادر على تطبيق مثل هذه الفكرة.
وأشار إلى أن عمله في أكثر من دولة أكسبه الكثير من الخبرة للتعامل مع مختلف الجنسيات والأعراق والانفتاح على العالم، وقد وجد محبة كبيرة من باقي الشعوب للشعب اللبناني.
فعاد إلى لبنان بعد أن عمل لسنوات في كل من السليمانية ولاغوس، وبدأ مشروعه في بداية عام 2020، ولكن الظروف الصحية والسياسية والاقتصادية وما لحقها من تبعات، أخرت الافتتاح للشهر التاسع.
مضيفاً أنني أحارب بكل طاقتي لابقى في لبنان، فأنا متمسك بتراب هذه الأرض حتى الرمق الاخير، إلا أن الظروف المحيطة بنا تستنزف قوانا في الاستمرار، فالأزمات المتلاحقة قد فتكت بكل مكونات الشعب اللبناني وأوصلته إلى مكان لم يكن ليتوقعه أحد، فأزمة جائحة كورونا مثلاً كان لها تأثير كبير على العمل وخاصة أنه يوجد ضمن “نايا دور” مكان لاستقبال الزبائن، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي لم تبقي لنا أرباح، ونحن ندفع من لحمنا الحي للصمود والبقاء، ونوه إلى أنه يمكن أن يندم على أي شيء في الحياة إلا عودته إلى لبنان، فهذه العودة كانت عن قناعة تامة.
وذكر أنه يشجع كل شخص أراد السفر إلى أي دولة لتأمين مستقبل جيد له ولعائلته، ولكن مع تشديده على فكرة العودة إلى حضن الوطن، فمن يعمل ويفني سنين عمره في الغربة ويموت غريباً لن يكون قد جنى شيء يفيد به وطنه ومجتمعه.
ولفت أن العتب على الدولة كبير، ولكن العتب الأكبر هو على الشعب اللبناني الذي صنع الحكام ووضعهم في مقام أكبر من مقامهم، بالإضافة إلى الطائفية التي لا تزال تفور وتغلي في النفوس.
وأشار إلى أنه لم يشارك في المظاهرات لأن للثورة ضوابط أخلاقية وشروط وأهداف سامية يجب أن تجمع الشعب حولها، وليست مسألة عفوية تضر بمصالح المواطنين.
وأضاف أنه لم ينتخب في حياته كلها، ولن ينتخب أحد، إلا إذا وجد شخصاً يعمل لصالح لبنان وليس لمصلحته الشخصية أو المذهبية والحزبية، ولمدة 10 سنوات على الأقل وقتها ممكن أن ينتخبه.
وبالعودة معه إلى ذكريات الطفولة، أخبرنا السيد محمد حسن عبدالله الخرفان أن أهم شي ورثه من والده هي السمعة الطيبة، والشهامة والكرم، وذلك ليس بالقول بل كان يشاهد والده وهو صغير كيف كان لا يرد محتاج وهو خائب مهما كانت الظروف أو الحاجة التي يطلبها، هذا ما غرس فيه هذه الخصائل الحميدة التي تجذرت وكبرت معه.
وكون السيد محمد حسن هو رياضي وعضو فخري في الاتحاد اللبناني للتراث والرياضات التقليدية الشعبية، كان لا بد لنا من سؤاله عن هذه الرياضات، فذكر أن الرياضات الشعبية هي التي تعيدنا إلى أصالتنا وهويتنا التي أصبحت تزول رويداً رويداً في عصر السرعة والتكنلوجيا.
وأن مؤسس ورئيس الاتحادين اللبناني والعربي للتراث والرياضات الشعبية التقليدية السيد مارون خليل خليل، هو من القلائل الذين يعملون بكامل طاقتهم وجهدهم لإحياء تراثنا الذي يندثر مع مرور الأيام، وكما أنه يزرع الأمل في نفوس كل من يلتقيه في ظل حالة الإحباط العام الذي يعيشيه المجتمع اللبناني، وأكد على أهمية إعادة إحياء التراث، فهو الأساس ولا يستطيع أحد أن يتخلى عن جذوره وعاداته.
وعن موضوع الاحتكار الذي تعيشه الأسواق اللبنانية، قال أن كل تاجر محتكر يجب محاسبته قبل السياسين، فمن يحتكر حليب الأطفال والأدوية يرتكب جريمة بحق الإنسانية جمعاء، ونجاتنا في هذا الوطن تكمن في المحبة والإنسانية.
وعندما سألته الحقيقة نيوز عن حكمته في الحياة، أجاب أن المحبة هي أولاً وآخراً، والمحبة تنمو في ضمير الإنسان بالفطرة ولا يمكن تصنعها، فما يخرج من القلب يصل إلى القلب.
ووجه رسالة إلى الشعب اللبنانية بقوله “فيقوا”، داعياً إياهم أن يستيقظوا من الجهل والطائفية البغيضة، فالدين لله والوطن للجميع، ويجب على المرء أن يحب الخير لاخيه وشريكه في الإنسانية والوطن والمجتمع حتى يعم الخير عليه أيضاً، ولا يمكن إقصاء أحد من الوطن، والسلام هو مطلب وحق وهدف يجب أن نصل إليه بكافة السبل.
أجرت الحوار: الإعلامية نسرين الأعور
يمكنكم قراءة الحوار بكل لغات العالم من خلال الضغط على علم البلد المطلوب الموجود في أسفل الموقع
You can read the dialogue in all languages of the world by clicking on the flag of the desired country at the bottom of the site
Vous pouvez lire le dialogue dans toutes les langues du monde en cliquant sur le drapeau du pays souhaité en bas du site