تخلف اجتماعي

كَتب : فؤاد سمعان فريجي
عند انتهاء الحرب في اوروبا عام ١٩٤٥ رمى المقاتلون بنادقهم وداسوا عليها بعدما شاهدوا بشاعة الحرب ، وحملوا الزهور وداروا في الشوارع يصلون للأموات والشهداء ودموعهم تقطر حزناً وندماً !!
في لبنان بعد كل استحقاق سياسي او اجتماعي يشتعل البلد بأطلاق النار ابتهاجاً او حزناً .
عينة سريعة عن اسباب هذا الجهل : في نجاح التلامذة بالأمتحانات الرسمية حفلات الزفاف ، إطلالة الزعامات التلفزيونية ، المآتم ، أطلاق سجين ، الفوز في الأنتخابات النيابية ، تكليف الوزراء للحكومة ، أعياد رأس السنة ومناسبة تشابهها .
وفِي هذه العادة الميليشوية التي تنم على شراهة الحرب في نفوس كثر من اللبنانيين الذين يقومون بهذه الأعمال ، التي تُكلف قلق لدى عامة الناس .
والرصاص الطائش في كل محطة يحصد عشرات الأصابات معظمهم من الأطفال والعجزة ، لا ذنب لهم في ما يحدث سوى انهم عند كل حفلة اطلاق نار ، يُصبحون ضحايا وأرقاماً لدى الإعلام ، فيما يبقى الفاعل مجهولا ً!!
اوقفوا اطلاق النار والمفرقعات ، مازالت صورة الحروب المتتالية من العام ١٩٧٥ وأصوات المدافع والرصاص تحفر في آذاننا جرحاً عميقاً ولوعة ماثلة في الطرقات والشوارع ومنازل خطفها الحرب بمن فيها !!
قبل اي مناسبة تُحذر الأجهزة الأمنية اللبنانية من اطلاق الرصاص تحت طائلة المسؤولية ، لكن المواطن اللامبالي بسبب تفكيره المتحجر يرتكب كل الموبقات ، وهذا ما اوصلنا الى ما نحن عليه من سقطات اجتماعية وسياسية وتوابعهم .
وأسأل بتعجب ، من اين تأتي الأموال لشراء الذخيرة لهذه الأسلحة ؟ لأطلاق النار ابتهاجاً !!
سؤال يطرح نفسه في ظل ازمة اقتصادية خانقة تصل الى حد الجوع لم يعرف لبنان في تاريخه يُشبهها !!
إذاً يتبين بعد كل ما يحدث ان بعضهم يُفضل شراء الرصاص على ربطة الخبز ، وهذا واضح في المناطق المُصنفة الأكثر فقراً !!
قد يقول قائل هناك من يُمول من الجهات الحزبية هذه العراضات المتخلفة ، جيد ، لماذا انتَ يا ( مواطن ) ترضى ان تكون قاتل مأجور بالرصاص الطائش في اطلاق النار بالمناسبات ، ليتبين ان سبب فقر الحال هو انتَ من صنع طوعاً هذا الفقر !
بين بيروت والشمال والجنوب والبقاع ، زنار من النار تتوالى فيه المناسبات وسقوط ضحايا خلال حفلات من المفترض الأحتفال بها بطريقة حضارية ترقى الى سمعة لبنان العالمية والأجتماعية .
وحسناً ما يقوله القانون في إطلاق الرصاص العشوائي من خلال المرسوم الإشتراعي الرقم 137 الصادر عام 1959 الذي تم تعديله منذ ٣ سنوات حيث شكل جزءًا من عملية الحماية، إذ يعاقب القانون مطلق الرصاص بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و 3 سنوات، وغرامة تعادل من 8 إلى 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور، في حين أن الشخص الذي يتسبب في الوفاة جراء طلق ناري يحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات كحد أدنى، وغرامة تتراوح بين 20 و 25 مرة من الحد الأدنى وحرمانه صاحبه أيضًا من حمل السلاح .
يا جماعة هذه عادة ميليشوية تعود الى عقلية القبائل والزعامات وعصر مضى ، اوقفوها كي نورث اجيالنا قلماً يكتب فيه قصة حب وطن ، لا ان نرثه بندقية وذخائرها .
الخميس ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٠

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى